أولا لابد من التمييز والفصل بين هذا التقويم الأمازيغي من جهة، ورأس السنة الفلاحية التي كانت معروفة لدى ساكنة شمال إفريقيا، أمازيغا و عربا، مسلمين و يهود. ومسيحيين، بعدة أسماء، إلا اسم السنة الأمازيغية الذي أتى حديثا. من جهة ثانية.
ان التقويمات أو التقاويم الموجودة حاليا( الميلادي – العبري- الصيني – الهجري..) ، عندما نقول بأنها تاريخية و قديمة ، فهذا يعني أن شعوبا ما في اطار نهضاتها الحضارية في مراحل تاريخية معينة، عند ما وعت ذاتها الحضارية و تميزها الثقافي عن الآخر المعاصر لها أنذاك، تبنت و تواضعت حول تقويم تاريخي ما ، وضعت له حدثا تاريخيا بارزا شكل فاصلا و منعطفا في تاريخها، و اتخذته كبداية لذلك التقويم( التأريخ)، و هذا الحدث الفاصل الذي غالبا ما كان ذا طابع ديني ( التقويم العبري – التقويم المسيحي – التقويم الاسلامي ..)
و لعل أحدث هذه التقاويمات هو التقويم الهجري الاسلامي ..و لذلك لا نعثر في المصادر التاريخية والحفريات الأركيولوجية عن أحداث ووقائع تاريخية أرخت بهذا التقويم المسمى أمازيغيا. اذ ليس هناك في المصادر التاريخية، لا القديمة ولا الوسيطة ولا الحديثة، لا في المصادر الفرعونية ولا الفنيقية ولا الاغريقية ولا الرومانية ولا العربية، ولا في القرائن الأثرية ما يشير أو يوحي الى أن الأمازيغ قد سبق لهم أن أرخوا بهذا التقويم ، ولم أقل المصادر الأمازيغية لانها غير موجودة أصلا، لسبب بسيط وهو أنا الأمازيغ لم يسبق لهم أن كتبوا تاريخهم الخاص حتى يؤرخوه بتقويم خاص بهم، و لم يسبق لهم أن امتلكوا لغة عالمة وكتابة خاصة بها، لانهم لم يسبق لهم أن أسسوا دولة خاصة بهم ، لأن الكتابة بنت الدولة، و الدولة تدار بلغة عالمة، بلغة كتابة ولغة إدارة ولغة مدرسة، ولا تدار باللغات الشفوية.
في السبعيينيات من القرن الماضي، سيبدأ النقاش حول هذه المسألة. في إطار البحث و إعادة اكتشاف وبناء مقومات هوية خاصة ومستقلة( تقويم تاريخي – حرف الكتابة – بناء لغة عالمة- وطن وأرض تامزغا..).
و لذلك في كل المصادر التاريخية الكتابية والاركيولوجية، ولو حدثا تاريخيا واحدا أو واقعة تاريخة واحدة أُرِّخَت بهذا التقويم . ولن تصادف في أي مصدر تاريخي ، سنة سقوط حاكم في شمال افريقيا أو وقوع معركة بها أو كارثة طبيعية ما مؤرخة بهذا التقويم، حتى في مرحلة حكم ما يسمى بالممالك الأمازيغية في العهد الروماني، مع ماسينسا ويوغوطة ويوبا وبطليموس، ولن تجظ ذلك حتى فيما كتبه أولئك الكتاب أو الشخصيات البارزة في ذلك التاريخ القديم ، والتي ينسبها البعض للأمازيغ (أوغسطين ، أبوليوس ، دوناتوس ، تورتوليان …) لم يؤرخوا للأحداث التي أوردوها في كتاباتهم بهذا التقويم ، بل أكثر من ذلك أن تلك المعركة التي التي جعلت بداية لهذا التقويم المختلق ، والتي خاضها الملك الفرعوني الليبي شوشانغ الليبي، والتي هزم فيها إحدى السلالات الفرعونية الحاكمة، تلك المعركة التي وقعت سنة 950 قبل الميلاد، لم ترد في أي مصدر تاريخي بهذا التقويم على الاطلاق.
أما الاحتفال برأس السنة كما هو متداول ومتعارف عليه في المغرب، وفي شمال افريقيا عموما، فانه لا ينهض حجة تاريخية ولا قرينة واقعية على وجود تقويم تاريخي “أمازيغي” ، مع العلم أن القبائل العربية البدوية هي الأخرى تحتفل برأس السنة هذه وتسمى “حاكوزة” و”ناير” و “إيض اوسكاس” بما فيهم أهل فاس( يومية يوعياد شاهد على ذلك)، يختلف اسم هذه السنة من منطقة الى أخرى.
ولذلك فمسألة اختراع تقويم وربطه بحدث تاريخي قديم مؤرخ أصلا بتقويم آخر غير هذا التقويم الجديد المختلق الذي جعل بدابة له سنة 950 قبل الميلاد ليس سوى عملية حسابية ماطيماطيكية سهلة، لا تتطلب سوى انتقاء حادث أو واقعة تاريخية، و جعلها نقطة بداية للحساب، و يمكن بعد ذلك تحويل سنة وقوع أي حدث تاريخ من أي تقويم تاريخي آخر( الميلادي – الهجري ..) إلى ذلك التقويم المحدث مع الأخذ بعين الاعتبار فارق عدد السنوات بينهم،
ليتوهم مختلقوا ذلك التقويم أنهم بذلك “يصنعون” التاريخ بأثر رجعي، والتاريخ لسوء حظهم لا يكتب بأثر رجعي.