اللغة هي عنوان الوجود والهوية، والمستودع الذي يختزن مقومات الانتماء الجماعي، وذاكرة الأمة التي تحفظ ماضيها وتضمن مستقبلها، وتحدد ملامحها الأساسية المعبرة عن تميزها وتفردها، تزول بزوال الأمم، وتتطور بتطورها، وتتخلف بتخلفها.
و يعد مفهوم الهوية من المفاهيم المرنة، التي قد تؤدي محاولة ضبطها في تعريف محكم إلى هروب أجزاء منها أو غيابها،1 لذلك ليس مستغربا أن يؤكد عدد كبير من الباحثين والمختصين على صعوبة تحديد مفهوم الهوية، حيث يؤكد غوتلوب فريغه (1848–1925م) Friedrich Ludwig GottlobFrege )) أن الهوية باعتبارها مفهوما لا تقبل التعريف، لأن كل تعريف هو هوية في حد ذاته،2 في حين يرى بنديكت أندرسون (1936-2015م)Benedict Anderson ) ) أن الهوية فكرة خيالية لا تقبل التجسيد أو التعريف، لأنها مفهوم أنطولوجي وجودي يمتلك خاصية سحرية تؤهله للظهور في مختلف المقولات المعرفية، لكنه بقدر ما يتمتع بدرجة عالية من التجريد والعمومية، تتفوق على مختلف المفاهيم الأخرى المقابلة والمتجانسة له، بقدر ما يمتلك طاقة كشفية لفهم العالم وما يضمه من كينونات الأنا والآخر. 3
فلفظ الهوية مشتق من الأصل اللاتيني ( Sameness) الذي يعني الشيء لنفسه، بها يجعله مغايرا أو مميزا عما يمكن أن يكون عليه الشيء، وتستخدم كلمة الهوية في الأدبيات المعاصرة لأداء معنى ( Identity)، التي تعني مطابقة الشيء لنفسه أو الاشتراك مع شيء آخر يشابهه في الصفات والخصائص عينها.