في هذا الحوار الذي ننقله للقارئ العربي يؤكد الكاتب والمفكر “جورج شتاينر” على خطورة وجود كوكب أحادي اللغة، وعلى عدم إيمانه بفكرة اللغة الأم. بالمقابل فإنه يعتبر هيمنة اللغة الأنجلو-أمريكية لا ترتبط فقط بالقوة السياسية لأمريكا وإنما أساسا بما تحمله هذه اللغة من أمل وبلاغة اللغة البسيطة وسهولة التعلم. كما يؤكد في هذا الحوار فكرته المركزية ضمن العديد من أعماله العلمية وهي كون المسافة بين الشخص الذي يبدع والذي يعلق أو يفسر، تمثل سنوات ضوئية.
ملحوظة: كما سيلاحظ القارئ، فقد حافظنا على الطابع الشفوي للنص الحواري كما ورد في نسخته الأصلية.
يقال عادة أن هناك لغة أم مبدئية فينا، لكن يبدو أن لديك العديد من اللغات الأم، كيف أمكن ذلك وكيف عشته؟
هناك مقطع رائع عند “بروست”[4]: كان الشاب مارسيل [بروست] يترجم بعض أعمال الناقد الإنجليزي والفيلسوف العظيم للفن “جون راسكن”[5].. سبع سنوات من الترجمة. كانت معرفة “بروست” باللغة الإنجليزية محدودة. لذا، في الليل، قامت والدته الرائعة بعمل أول مسودة -كانت إنجليزيتها رائعة- ووضعتها تحت بابه. فبماذا أخبرنا الشاب مارسيل؟ “اللغة الإنجليزية هي لغتي الأم.” هذا درس مهم جدا. أنا لا أؤمن باللغات الأم. في غرب السويد وفنلندا، منذ الولادة لديك لغتان، مختلفتان تمامًا وصعبتان للغاية. في ماليزيا، هناك ثلاث لغات، حيث يكبرون وهم يتحدثون ثلاث لغات. في فريولي [إيطاليا]، ثلاث لغات: الرومانش والإيطالية والنمساوية-الألمانية. هناك العديد من الأشخاص الذين يولدون بلغات متعددة. إن ما يسمى بأحادية اللغة الطبيعية أمر مبالغ فيه إلى حد كبير.
كانت أمي تبدأ جملة في لغة وتنهيها في لغتين أو ثلاث. لقد كانت سيدة عظيمة من فيينا (مفهوم تمامًا!)، التي تعلمت الفرنسية. في البرجوازية اليهودية العليا في فيينا، كان الناس يتحدثون الفرنسية بطلاقة. عرف “نابوكوف”[6] اللغة الإنجليزية قبل الروسية. على أي حال، يخبرنا أنه كتب أبياتا شعرية بالإنجليزية أولاً. بالنسبة لـ”نابوكوف”، جاء “بايرون” قبل “بوشكين” تقريبًا. ومربية الأطفال -مركزية في التاريخ- كانت تخاطبه بالإنجليزية. يصر “بيرجيس”[7]، هذا الإنجليزي الرائع، على أنه من عائلة “بيرجيس” من نورثمبرلاند، في مقاطعة يورك، حيث “كان لديه هناك أسلاف”. ناهيك عن “أوسكار وايلد”[8] (الذي كتب عدة روائع باللغة الفرنسية)، و”كونراد”[9] (الذي غادر البولندية إلى الإنجليزية). و”بيكيت”[10] … لا أحد يعرف ما هي لغة مسوداته. حاولت أن أظهر في كتابي “بعد بابل” أنه ربما كان تقريبًا مزيجًا لاواعيا من لغتيه الفرنسية والإنجليزية مع جرعة جيدة من الإيطالية. كانت أعماله الأولى، عندما كان سكرتيرًا لـ”جيمس جويس”، باللغة الإيطالية. تتعلق بـ”دانتي” والإيطالية. ويعد “بيكيت” من أهم أعلام أدبنا الحديث. فقد خلق نوعًا من الأراضي البركانية، أو لنقل صهارة بركانية حيث تتشابك اللغات. إلى جانب ذلك، كان قادرًا على فعل ما لم يفعله أحد -أو تقريبًا- في تاريخ الأدب: لقد كان قادرًا على نقل النكات من لغة إلى أخرى. وهذا هو الأصعب. لقد كان موهبة بابل.
بعيدًا عن كونه لعنة، يشكل تعدد الأصوات واللغات فرصة رائعة. تفتح كل لغة نافذة على عالم جديد. هناك حجة مضادة، وأنا أعلم ذلك. هناك من همشوني لسنوات في كامبريدج وإنجلترا، والذين ما زالوا يهمشونني بهذه الكلمة اللذيذة: “السيد شتاينر عالم قاري [أوروبي]”. عليك ان تجده! عالم قاري … ليس واحدا منا. لماذا؟ لأن هناك أيضًا العقيدة الباريسية [نسبة إلى “موريس باريس”][11] للدم والموتى: الشخص المتجذر (مصطلح باريسي آخر) في اللغة الأصلية هو فقط من لديه حساسية فورية، رد فعل تلقائي، ولا يمكن أن تكون هذه الأمور لدى متعدد اللغات أو الدخيل أمرا ممكنا. من المحتمل أن يكون هناك شعراء في اللغة الإنجليزية، واللغة الأمريكية، لا أعرفهم جيدا بالطبع. هذا يعني، أنه يمكنني أن أقيمهم لكنني لا أتنافس أبدًا مع أولئك الذين يشعرون تمامًا بهذه اللغة وليس بغيرها.
لا يمكنك الحصول على كل شيء. لم أكن أرغب في أن أكون أحادي اللغة؛ لا أستطيع أن أتخيل نفسي كذلك. لقد درّست الأدب الإنجليزي لمدة خمسين سنة. آمل أن يكون ذلك مع بعض السعادة. ذهبت إلى باريس لزيارة قبر “بول سيلان”[12] الذي، مثله مثل “هولدرلين”[13] – أكبر شاعر ناطق بالألمانية- غير قابل للترجمة. بالفعل، وهذا أمر خطير للغاية، نقرأ أنا وأنت الكتاب المقدس في ترجمات سيئة، وأحيانًا رائعة ولكنها سيئة في الجوهر. إن عدم معرفة العبرية هو بالفعل حاجز أمام أحد مصادر إنسانيتنا. أما اليونانية القديمة، في الترجمة؟ دعنا لا نتحدث عن هذا الأمر. بالفعل، نحن معزولون عن الصين واليابان، أنا لا أقرأ الروسية. في نهاية حياته، اتخذ “إدموند ويلسون” سلفي المباشر الذي كان ناقدًا رئيسيًا للمجلة الأمريكية The New Yorker، وهو على فراش الموت، مدرِّسا لتعلم اللغة الهنغارية، وهي لغة صعبة جدا. وهو يفسر ذلك قائلا: “قيل لي أن بعض الشعراء رائعون في مستوى “بوشكين”[14] و”كيتس” (John Keats)[15]. أريد أن أعرف ذلك!” كان يفكر في “آدي” (Ady)[16]، و”بتوفي” (Petõfi)[17]. لقد كان شيئًا رائعًا. “أريد أن أعرف، لا أدعهم يكذبون علي.” ولو لم أكن كسولًا، لكنت قد حاولت بنفسي تعلم لغة واحدة أو أخرى. أنا أيضا أود أن أعرف.
ما هي وجهة نظركم حول الهيمنة الأنجلو أمريكية الحالية على نطاق عالمي؟ وماذا عن وضع الفرنسية؟
اللغة هي ببساطة طريقة لقول الأشياء: الفعل في المستقبل -والذي يسمى الأمل في لغات معينة- يختلف من لغة لأخرى. يختلف توقع إمكانات المغامرة البشرية، والوضع الإنساني، من لغة إلى أخرى. تمامًا مثل الذكريات، مثل الكتلة الهائلة للذكريات. إذا أصبحنا كوكبًا أحادي اللغة أو تقريبًا، فستكون هناك خسارة كبيرة مثل خسارة (الحياة البرية) الحيوانات والنباتات (التي، كما تعلمون، نحن ندمرها في جميع أنحاء العالم)، فسيكون ذلك إفقارًا رهيبا. ولست بحاجة لأن أخبركم عن مدى القلق من وضع الفرنسية في مواجهة الغزو الأنجلو أمريكي.
ومع ذلك، فإن انتصار هذه اللغة، يا للسخرية، هذه الاسبرنتو الصناعية والتكنولوجية والعلمية والاقتصادية والمالية، لا يتعلق فقط بالقوة السياسية لأمريكا. وبطريقة لا يزال من الصعب شرحها، فإن اللغة الأنجلو أمريكية مليئة بالأمل، المليء بالوعود، بينما في اللغات الأخرى الكبيرة جدًا هناك الآن إرهاق وكآبة واضحين. يا له من موضوع غني للدراسة! بعض اللغات سحقتها هيمنة القارة الأمريكية بينما تعرف لغات أخرى حيوية جديدة. تستعيد إسبانيا انتعاشها من خلال كبار الكتاب في أمريكا اللاتينية، وهذا يمنحها طفرة هائلة. استفادت البرتغال من “ساراماغو”[18] و”أنطونيو لوبو أنتونيس”[19] (في نظري أحد أعظم الكتاب الأوروبيين) على حساب البرازيل، التي لديها في حد ذاتها أدبًا كبيرًا جدًا. في حالات أخرى، يتم سحق لغات.
مصير اللغة الإنجليزية هنا في إنجلترا غير مؤكد لأن ما يسود أكثر بين الشباب، هو مزيج من الأنجلو أمريكية. الروائي الذي كان ذات مرة (“الذي كان”، أُصِّر على الماضي) الواعد من جيله، الشاب “مارتن أميس” (Martin Amis)[20]، كتب نصًا بعنوان “المال” عندما كان شابا، حيث تعامل مع هذه اللغة الأمريكية الجديدة ببراعة لا تضاهى. لكنها لم تنجح حقًا.
أن تصبح أمريكيًا، بالنسبة لكاتب إنجليزي، ليس سهلاً، فهذا يشكل فخًا نفسيًا عميقًا جدًا. ما هو مصدر الإنجليزية التي ما تزال حية اليوم؟ من منطقة البحر الكاريبي، ومن الهند، وباكستان (هؤلاء هم سلمان رشدي، نايبول[21] …)، وقبل كل شيء من أيرلندا، من أيرلندا التي تحمل تقليدا هائلا من الاستقلال اللغوي. هذا هو المكان الذي تأتي منه القوى الحية الجديدة، على هامش اللغة الإنجليزية الكلاسيكية.
بحر المانش الصغير بين فرنسا وإنجلترا هو أوسع من المحيط الهادئ؛ فلغتاهما ورؤيتاهما للعالم، التي تفصلهما عن بعضهما البعض تختلفان اختلافًا عميقا وجذريًا. من ناحية، كانت هناك هذه المدرسة الأخلاقية الفرنسية العظيمة التي ربما، الآن، في طريقها للاندثار قليلاً، ولكنها ستعود. لطالما كان للفكر الفرنسي هذا البعد (بالتأكيد منذ القرن السابع عشر)، فهو موجه إلى الإنسان، إلى البعد الكوني الأخلاقي للإنسان. إنها مختلفة تمامًا عن الفلسفة الألمانية والتقاليد الإنجليزية. لم يكن للميتافيزيقا حظ جيد في إنجلترا أبدًا، ولكن من ناحية أخرى، كان للأمبريقية الإنجليزية، والسخرية الإنجليزية، وشك “هيوم” و”برتراند راسل”، تأثير على مستوى العالم. يجب ألا ننسى أبدًا أن إنجلترا تواجه هذه المفارقة: إنها جزيرة صغيرة في حالة تدهور اقتصادي وسياسي، أصيبت بجروح عميقة بسبب الحروب التي لم تكسبها أو أنها فازت فيها بشكل مفارق، مع لغة تسيطر على الكوكب. من هذه الجزيرة الصغيرة، خرج شكسبير واللغة الإنجليزية المستخدمة في جميع أنحاء العالم. لقد سافرت كثيرًا وفي كل مكان أذهب إليه تقابلني الإنجليزية. سواء في الصين أو بين طلابي اليابانيين أو في أوروبا الشرقية.
قال “فاليري”[22] -الذي أقدسه، ولكن يمكن أن يقول هراء رائعا-: “قيل لي أنه يمكن للمرء أن يتعلم اللغة الإنجليزية في عشرين ساعة. أجيب أن المرء لا يستطيع تعلم الفرنسية في عشرين ألف ساعة”. نكتة جميلة وغبية جدا، لكنها رائعة. صحيح بالفعل -لقد درّست بكل هذه اللغات- أن اللغة الإنجليزية لا يتم تعلمها بسرعة فحسب، بل تحتوي أيضًا على رسالة أمل. ماذا يمكنني أن أقول؟ هناك في اللغة الإنجليزية بساط ناقل نحو الغد. فاللغة الإنجليزية مليئة بالوعود. فهي تقول لنا: “غدا سيكون أفضل”. إعلان الاستقلال الأمريكي يحتوي على التعبير الشهير: “السعي وراء السعادة”. وهذا أهم من أن يقال للبشر، “اذهبوا ولاحقوا السعادة!”؛ هذا ليس واضحًا على الإطلاق. لا يوجد في هذه اللغة اليأس العظيم، ونهاية العالم الروسية والفرنسية، وهذه الرؤية الميتافيزيقية، ولعنة الإنسان، والخطيئة الأصلية. هذه الأمور لم يصدقها الأنجلو أمريكي أبدًا.
لا أرى أي جهاز حاسوب لديك.
لدي أمية تكنولوجية صارخة. لا أستطيع حتى أن أفهم كيف يعمل الهاتف. إلى جانب ذلك، لا أعتقد أنك تفهم ذلك أيضًا. هناك خدعة لا تصدق من الناس. نحن محاطون بأدوات لا نفهم منها شيئًا. “كيندل”، “آيبود”، “تويتر”. أعرف وجودهم بفضل أحفادي الموهوبين في هذه الفنون السحرية. كل ذلك يعتمد على اللغة الأنجلو أمريكية، واقتصاد الكلام واقتصاد التركيب. لننتبه. لو تم تطوير اختراعات الحاسوب واللغات الأولى لأجهزة الحاسوب (التي تعود إلى “شانون” في أمريكا و”تورينج” في إنجلترا) في الهند، أو استندت المعادلات الأولى لكتابة الحاسوب إلى قواعد اللغة الهندية، لكان العالم الآن مختلفا. لن يكون هو الكوكب نفسه الذي نعرفه الآن. هناك مصادفة رائعة بين المفهوم الجديد للحد الأدنى من اللغة والهيكل الطبيعي للغة الأنجلو أمريكية. لماذا تدفع الألمانية الناس إلى الجنون وتسمح في الفلسفة بكل شيء؟ لأن الفعل يأتي في نهاية الجمل التي لا نهاية لها. وهذا يعني أننا يمكن أن نتردد، أو نحاول، وأن نقول “أو، أو، أو” لنصل منبطحين في النهاية إلى الفعل. وقد هيمن هذا الأمر على أسلوب هيجل، وشوبنهاور، وكانط وهيدغر. مع اللغة الإنجليزية، الأمر غير ممكن.
لم تقل اللغة الإنجليزية للناس الأميين أو الجهلة -دعنا نتجنب هذه الكلمات العنيفة- وإنما قالت لأولئك غير الموهوبين بالنسبة للغات: “أنتم أيضًا يمكنكم أن تفعلوا ما تريدون”. هناك هذا الوعد العظيم ببلاغة اللغة البسيطة.
لاحظ أن في العديد من البلدان -فرنسا، على سبيل المثال- إذا ارتكب المرء أخطاء نحوية، أو هفوات، وإذا كان المرء يرطن اللغة، فإنه يثير الامتعاض. في أمريكا، يعتبر نقص البلاغة صدقا: فالشخص الذي يتحدث بشكل سيئ يعتبر شخصًا صريحا، فهو لا يكذب. هذا عميق جدًا كجدلية، وهو على النقيض من الحضارة الرومانية والفرنسية. في فرنسا، عليك أن تعرف كيف تتحدث جيدًا، وقد كان القادة الفرنسيون العظماء في كثير من الأحيان رائعين في بلاغتهم. أنتجت فرنسا “بوسييه” (Bossuet)[23] و”ديغول” وغيرهما. في أمريكا، تقتصر المفردات الأساسية على ما يقرب من ثمانمائة كلمة. في دراسة أجريت من قبل شركة الهاتف (Bell): مع ثمانين كلمة، يمكنك تقريبًا أن تقول كل ما تريد. في لغات أخرى، تحدد الثروة الهائلة من المفردات نوعًا من النخبة الاجتماعية والنخبة التعليمية. انه أمر مختلف جدا.
نحن نعرف الأماكن التي تجد فيها نفسك، الأماكن التي ترغب العيش فيها: جنوب فرنسا، الساحة الرئيسية لمراكش [ساحة جامع الفنا]، هذا المعبد الصغير في سيجستا [صقلية]، أسطح القدس في الصباح الباكر … هل لديك أي ندم أيضًا في ما يخص الأمكنة التي تحلم بزيارتها والتي لم ترها؟
نعم، لدي قائمة صغيرة من الرغبات العليا التي لن أذهب لتلبيتها أبدًا. في الوقت الحالي، لا أرى طريقة للوصول إلى البتراء، والتي أصبحت في الوقت نفسه ممكنة وصعبة في عمري. لدي قائمة صغيرة من الأحلام المفقودة. كنت أود أن أرى الجبل الأحمر في أستراليا، “آيرز روك”. لقد دعيت عشرات المرات، لكن كانت الرحلة تتطلب ثلاث وعشرون ساعة بالطائرة، وكنت أفتقد الشجاعة والجرأة. هذا هو السبب في أن سيرتي الذاتية تسمى الأخطاء (Errata). هناك سلسلة من الأخطاء، أو على الأقل سلسلة من الإخفاقات.
وقبل كل شيء، عدم قيامي بالمخاطرة، بمحاولة الإبداع. رسمت كثيرا عندما كنت طفلا. نشرت أشعارا. أعتقد أنها سيئة للغاية. لكنني نشرتها وكان لديها قراؤها. ثم في مرحلة ما، أصبح التدريس بالنسبة لي هو الهدف، رسالتي الكلية تقريبًا.
آخذ مثالاً تافهًا أكثر بكثير، لكن مثال يوضح هذا تمامًا. خلال أول خمسة أو ستة أسابيع لي في جامعة شيكاغو -كنت شابا للغاية- أصبت بهوس الشطرنج وكنت ألعب ثمانية عشر ساعة في اليوم مع لاعبين حقيقيين، لاعبين أقوياء جدًا. كانت جامعة شيكاغو واحدة من مراكز الشطرنج العالمية. لنبدوَ جادّين، كنا نشرب فنجانًا من القهوة ونستأنف اللعبة، ندرس، ندرس نظرية الشطرنج، ونعتكف على دراسة تاريخها: لا يوجد شيء آخر. ربما كنت بعد ذلك بعيدًا عن إمكانية أن أصبح لاعبًا حقيقيًا، لاعبًا جادًا. ولكن في مواجهة الدوار، تراجعت. افتقرت إلى الشجاعة لأصبح مجنونا بما فيه الكفاية لأكرس حياتي لهذه اللعبة … لأنها لعبة، بعد كل شيء، لكن يا لها من لعبة! منذ ذلك الحين، ألعب، لكني ألعب بشكل سيئ، كهاو في بداياته الأولى.
مع هذه التجربة الصغيرة لبضعة أسابيع، لمحت الهاوية، أو ما يسميه “هنري جيمس”[24] الشيء الحقيقي: نهب أنفسنا بالكامل. خطر الحياة، الموت، الخزي، الديون، نحن لا نهتم بأي شيء من أجل أن نعيش المطلق، نخاطر كليا. متسلق الجبال الذي يتجاوز قوته يفعل ذلك في كل مرة. يقوم الغواص في الأعماق بذلك في كل مرة، لمعرفة ما هي ثمالة المطلق، حيث لا يوجد شيء آخر، حيث لم تعد كل هذه الفضائل البرجوازية الصغيرة موجودة. لم يكن لدي هذا الشعور بشجاعة الخطر النهائي.
أسف آخر يعود لي مرة أخرى. لقد علمت بذلك في إنجلترا، من خلال مقابلة أشخاص عايشوا معارك كبيرة. في المساء، في كليتي، بعد كأس ثالث من الخمر، عندما يبدأ التواضع الإنجليزي الشهير في التصدع، كانوا يعترفون أحيانًا: “كم كنا سعداء في المعركة! كم كنا سعداء. لا شيء في حياتنا يمكن مقارنته بنشوة القتال”. لقد كانوا أناسًا متحضرين للغاية، وأساتذة كبار، ومفكرين، عندما يأتي وقت الصراحة كانوا يقولون: “كم أصبحت الحياة مملة منذ ذلك الحين!” بادئ ذي بدء، في الحرب، كانوا بعيدين عن زوجاتهم، لقد كانت بالفعل سعادة لا تصدق. بالنسبة للإنجليزي، الابتعاد عن الزوجة هو شرط السعادة. ثم كانت هناك هذه الصداقة الحميمية المثالية بين الرجال، التي لم تكن تشهد على الإطلاق مثلية جنسية، ولكن إيروس الذكور، هذه المودة بين الرجال هو مفتاح المدرسة الإنجليزية، والنخبة الإنجليزية. اليوم، في لندن، نرى عصابات من الشباب المسلحين بالسكاكين، والوضع خطير للغاية. نحن نعلم أنه إذا وضعناهم في كوماندوس، فسيكون لدينا جنود رائعون في غضون خمسة أسابيع. إنه نفس الشيء تقريبًا. فالعصابات الإجرامية والمظليون في الواقع قريبون جدا من بعضهم البعض. بالنسبة لـ”ألكسيس فيلونينكو” (Alexis Philonenko)[25]، كانت التجربة الجزائرية حاسمة. وكذلك ايضا بالنسبة لـ”ألان” (Alain)[26]. عرف ديكارت أيضا القتال؛ لقد علّمنا “هوميروس” من قبل سكر القتال. بالنسبة لي، لم أعرف مثل هذه اللحظات ولن أعرف أبدًا كيف كنت سأتصرف. إنهم يعرفون. من حيث الخير والشر. يقولون باللغة الإنجليزية كانت لديه حرب جيدة. إنه شعور غير قابل للترجمة. عرفه “بيغي” (Péguy)[27]، إذا جاز التعبير؛ أعتقد أن “مونثرلان” (Montherlant)[28] كان يعرف أيضا ماذا يعني مواجهة خصم، وجها لوجه. وعندما أستمع إلى زملائي يتحدثون، فإن ذكرى سعادتهم حقيقية، فهي ليست خدعة. على أي حال، كنا نعيش هناك خمس وعشرون ساعة في اليوم، لذلك في النهاية لم نكذب على بعضنا البعض. لا على محللين نفسيين ولا على أطباء ولا صحفيين. عدم الكذب هو أن تقول “المحصلة هي من هذا القبيل، وهي بعيدة عما كان يجب أن تكون. حسنا، حسنا … لكننا حاولنا، بذلنا قصارى جهدنا “. هذا كل ما يمكننا القيام به. ودائما، مع العلم أن الكبار شيء آخر.
لماذا يكرهني الكثير من زملائي في الجامعة حقًا؟ لماذا كنت على الهامش طوال حياتي؟ لأنه منذ عملي الأول، “تولستوي أو دوستويفسكي”، أقول إن المسافة بين الشخص الذي يبدع والذي يعلق أو يفسر، تمثل سنوات ضوئية. وأنا مقتنع بذلك تمامًا. بالطبع هناك نقاد عظماء يقتربون من الإبداع: بروست في “ضد سانت بيف” (Contre Sainte-Beuve)، الدراسات التي كتبها “إليوت”، وكذلك دراسة [أوسيب] ماندلستام (Mandelstam)[29] حول دانتي. هم عادة عمالقة مبدعين وهم أيضا كبار المعلقين والنقاد. إنه أمر نادر جدًا ولكنه موجود بالطبع. أي ناقد فني أكبر من “بودلير”[30]؟ ولكن، إذا كان قد كتب فقط زهور الشر، فهذا أكثر من كافٍ. وهذا الاختلاف، في نهاية حياتي، غالبًا ما يتركني حزينًا جدًا لأنني اضطررت للمخاطرة بأشياء معينة.
إذا كنت ما أنا عليه، فذلك لأنني لم أكن مبدعًا. إنه حزن عميق للغاية. أود أن أقول أن هناك جانبًا من السيرة الذاتية، في التقليد اليهودي الكبير الذي يجب أن أتذرع به كثيرًا. كان والدي مقتنعا بأن إبداع شيء ما هو أمر جيد، لكنه أمر مريب جدا. كونك معلمًا هو أعلى منصب. إلى جانب ذلك، تعني كلمة rabbonim (الحاخام) الأستاذ. إنها كلمة علمانية. لا شيء فيها مقدس. أن تكون حاخاما.
عندما كنت في بداية شبابي، نشرت، كما قلت لك من قبل، بضعة النصوص من الشعر، وفي صباح ما أعدت قراءتها ورأيت أنها نظم. العدو الكلي/الأكبر للشعر هو النظم. لذا، لم أعد لذلك مرة أخرى. لقد نشرت روايات مثل “نقل أ.ح” (Transport d’A.H.)، لكن هذه روايات لأفكار ومناقشات، أو إن شئت، نقاش للأفكار في شكل قصص أو روايات. “نقل أ.ح” (1981) هو أكثر من مجرد نقاش للأفكار. إنه دراسة عن السلطة، تأمل في السلطة العليا والهتلرية.
أفتقر تمامًا إلى البراءة وسذاجة المبدع العظيم. في كليتي، كان النحات “هنري مور”[31] يزورنا من وقت لآخر لتناول العشاء معنا. عندما يفتح “هنري مور” فمه للحديث عن السياسة، كان ساذجًا بشكل مذهل. لذلك كنا ننظر إلى يديه على الطاولة، وحياة أيدي “هنري مور”، وكنا نقول لأنفسنا: ” لا تهتم بما يقوله! ولكن انظر إلى يديه وما يمكن أن يفعله بيديه”. إن سر براءة المبدعين العظماء هو أمر عميق جدًا، يسيء فهمه من هو بالخارج ونحن جميعًا كذلك.
إذن ما هي مهمتي؟ أن أكون ساعي بريد، كما هو الحال في هذا الفيلم الرائع (Il Postino). إنه فيلم عن “نيرودا” والرجل الصغير الذي يحمل رسائل نيرودا، والذي يبدأ في فهم ما يعنيه أن يكون “نيرودا”. طوال حياتي حاولت أن أكون ساعي بريد جيد لأخذ الرسائل ووضعها في الصناديق الصحيحة. ليس من السهل دائمًا العثور على الصناديق المناسبة للحديث عن عمل، لتقديم عمل جديد. يمكن أن نخطأ تماما، لكنها وظيفة مهمة ومثيرة للغاية. لديّ حظ جنوني لكوني ساعي بريد للعظماء. ولكن يجب ألا تخلط بين الاثنين. بوشكين -الذي كان أيضًا أرستقراطيًا؛ ننسى ذلك، في بعض الأحيان ليسوا مثلنا، الأمراء الروس – كان يحب أن يذكر: “لناشري، لمترجمي، لمنتقدي، أقول شكرا لكم من كل قلبي، لكن الحروف، أنا من كتبها”. بالطبع هذا يعني كل شيء.
إذا كان هناك ندم كبير في حياتي، فهو عدم تجربتي لكتابة كتاب سيء للغاية. تجريب حظي، ربما في الرواية أو في المسرح، الأمر الذي كان مهمًا جدًا بالنسبة لي عندما كنت شابًا. لم أكن أرغب في المخاطرة لأنه كان من الصعب علي حمل الرسائل ووضعها في الصندوق. مرتين أو ثلاث مرات في حياتي، كان لدي هذا الحظ المذهل لفتح الطريق أمامي شاسعا. لن أنسى أبدًا المكالمة الهاتفية اللطيفة للغاية من الملحق الأدبي لصحيفة التايمز (الملحق الأكثر أهمية في إنجلترا): “لقد أرسلت إلينا مقالًا عن رجل يسمى سيلان (وكان مخاطبي على الخط يتهجى اسمه حرفا حرفا) هل هذا اسم كاتب؟ من هو؟” كانت أول مقالة باللغة الإنجليزية عن بول سيلان. هناك بعض الحالات الأخرى التي ساعدت فيها على تقديم كتاب وشعراء مهمين جدًا في بداية حياتهم المهنية.
[1] هذا الحوار الذي نشر ضمن موقع (LE GRAND CONTINENT) مستل من كتاب:
George Steiner, Un long samedi, Entretiens avec Laure Adler, Flammarion, 2014, URL : https://legrandcontinent.eu/fr/2020/02/07/conversation-avec-george-steiner/
[2] فرانسيس جورج شتاينر، “Francis George Steiner” (1929-2020) ناقد أدبي فرنسي أمريكي بريطاني، لغوي، كاتب وفيلسوف، متخصص في الأدب المقارن ونظرية الترجمة. من مؤلفاته: موت التراجيديا؛ بعد بابل-مظاهر اللغة والترجمة؛ اللغة والصمت؛ علم نحو الإبداع. ترجم له إلى اللغة العربية “في قلعة ذي اللحية الزرقاء”.
[4] “مارسيل بروست” “Marcel Proust” (1871-1922): روائي فرنسي، من أبرز أعماله سلسلة روايات البحث عن الزمن المفقود.
[5] جون راسكن “John Ruskin” (1819-1900) كان ناقدًا فنيًا إنجليزيًا بارزًا في أثناء العصر الفيكتوري، بالإضافة إلى كونه راعيًا فنيًا، ورسامًا، ومتخصصًا في الألوان المائية، ومفكرًا اجتماعيًا بارزًا، ومحسنًا. كتب عن مواضيع متنوعة مثل الجيولوجيا، والعمارة، والأسطورة، وعلم الطيور، والأدب، التعليم، وعلم النبات، والاقتصاد السياسي.
[6] فلاديمير نابوكوف “Vladimir Vladimirovitch Nabokov” (1899-1977): كاتب روسي أمريكي. كان لتعلمه ثلاث لغات أثناء نشأته أثرًا كبيرًا على فنه. أعماله الأولية كتبت باللغة الروسية، وبعدما اشتهر عالمياً أصبح يكتب رواياته بالإنجليزية. عرفت أعماله بكونها معقدة. ترجم له إلى اللغة العربية مجموعة من الأعمال من بينها: ماشينكا، لوليتا، العين.
[7] جون أنتوني بيرجيس ويلسون (John Anthony Burgess Wilson) (1917-1993) نشر أعماله تحت الاسم المستعار أنتوني برجس (Anthony Burgess) – كان كاتبًا وملحنًا إنجليزيًا كان برجس ناقدًا أدبيًا وصحفيًا بارزًا. وكان برجس أيضًا موسيقيًا ولغويًا بارعًا. من بين أهم أعماله رواية البرتقالة الآلية الصادرة ترجمتها العربية عن مؤسسة دار الهلال.
[8] أوسكار وايلد “Oscar Wilde” (1854-1900): مؤلف مسرحي وروائي وشاعر إنجليزي إيرلندي. احترف الكتابة بمختلف الأساليب خلال ثمانينات القرن التاسع عشر، وأصبح من أكثر كتاب المسرحيات شعبية في لندن في بدايات التسعينات من نفس القرن. أما في وقتنا الحاضر فقد عرف بمقولاته الحكيمة ورواياته وظروف سجنه التي تبعها موته في سن مبكر. من بين ما ترجم له إلى اللغة العربية: جريمة اللورد سافيل، صورة دوريان جراي والفوضويون.
[9] جوزيف كونراد “Joseph Conrad” (1857-1924): أديب إنجليزي بولندي الأصل. ولد فيما يعرف بأوكرانيا البولندية انتقل مع والده إلى بولندا ومنها انتقل إلى فرنسا عام 1874 حيث عمل بالملاحة ثم انتقل إلى إنجلترا واستمر في عمله بالبحر. توفي عام 1924 بنوبة قلبية وترك 13 رواية و28 قصة قصيرة. أغلب رواياته لها علاقة بالبحر ويرويها بحار عجوز اسمه “مارلو” من رواياته “قلب الظلام”، “العميل السري” و”النصر” و”تحت أنظار غربية ” و”لورد جيم”.
[10] “صامويل بيكيت” كاتب وشاعر وكاتب مسرحي إيرلندي كتب أكثر أعماله باللغتين الفرنسية والإنجليزية ثم ترجمها بنفسه إلى لغات أخرى. وقد فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1969. تعتبر مسرحيته “فى انتظار غودو”، من أهم أعماله والأكثر شيوعا وشهرة.
[11] موريس باريس “Maurice Barrès” (1862-1923): كاتب وسياسي فرنسي، انتخب كعضو في الأكاديمية الفرنسية سنة 1906 وهو مؤلف روايات ودواوين حول الانطباعات الناجمة عن السفر.
[12] بول سيلان “Paul Celan ” (1920-1970): من أصول يهودية رومانية لعائلة تتكلم اللغة الألمانية. كان لوفاة والديه داخل معسكرات التعذيب النازية والسجن الذي عرفه نفسه أيام الحرب العالمية الثانية أثر كبير عليه. يعتبر أعظم شاعر باللغة الألمانية في فترة ما بعد الحرب. كما عرف بعلاقات متميزة مع هيدغر إلى آخر يوم في حياته.
[13] فريدرش هولدرلين “Friedrich Hölderlin” (1770-1843): هو شاعر وفيلسوف من الفترة الكلاسيكية الرومانسية في ألمانيا. ومن الناحية الفلسفية، احتل مكانة خاصة في المثالية الألمانية، بجانب هيغل وشيلينغ. وكان لهيدغر دور كبير في التعريف بالأبعاد الفلسفية لعمل هذا الشاعر الفيلسوف في القرن العشرين.
[14] ألكسندر بوشكين (1799-1837): شاعر روسي، وكاتب مسرحي، وروائي في الحقبة الرومانسية، يُعتبر من قبل الكثير الشاعر الروسي الأعظم ومؤسس الأدب الروسي الحديث.
[15] جون كيتس “John Keats” (1795-1821): يعتبر كيتس من أهم رواد شعراء المدرسة الرومانسية الإنجليز، رغم أن أعماله لم تنشر إلا قبل 4 سنوات من وفاته، وأن حصيلته الشعرية كانت بشكل أساسي نتاج 6 سنوات فقط. ورغم أن قصائده لم تلفت نظر النقاد آنذاك، إلا أنه يعتبر اليوم من أكثر الشعراء دراسة. تُعد سلسلة الأغنيات القصيرة التي كتبها كيتس اليوم تحفاً فنية، والتي ما تزال من أكثر قصائد الشعر الإنجليزي انتشاراً. كما تُعتبر رسائل كيتس عن نظريته الجمالية في القدرة السلبية أكثر الرسائل المُحتفى بها لأي كاتب.
[16] أندري آدي ” Endre Ady” (1877-1919): شاعر وصحفي هنغاري. يعتبر حامل الراية لإحياء الشعر والفكر الاجتماعي التقدمي في المجر في بداية القرن العشرين.
[17] ساندور بيتوفي “Sándor Petőfi” (1823-1849) يعتبر الشاعر الملهم للقومية المجرية. وهو أيضًا رائد للحركة الرومانسية وحركة القوميات في أوروبا في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
[18] جوزيه دي سوزا ساراماغو “José de Sousa Saramago” (1922-2010): روائي برتغالي حائز على جائزة نوبل (1998). للأدب وكاتب أدبي ومسرحي وصحفي. روايته العمى هي على قائمة دائرة الكتاب النرويجية عام 2002 لأفضل 100 كتاب في كل العصور.
[19] أنطونيو لوبو أنتونيس “António Lobo Antunes” (1942- ): هو طبيب نفسي وروائي برتغالي. فاز بجائزة كامويس (Camões) عام 2007.
[20] مارتن أميس ” Martin Amis” (1949- ) روائي بريطاني. أشهر كتبه هي “المال” “Money” (1984) و”حقول لندن” “London Fields” (1989).. صنفته التايمز عام 2008 كواحد من أعظم خمسين كاتب بريطاني منذ عام 1945.
[21] فيديادر سوراجبراساد نيبول ”Vidiadhar Surajprasad Naipaul” (1932-2018) روائي بريطاني من أصول هندية. حائز على جائزة نوبل للآداب سنة 2001.
[22] بول فاليري ” Paul Valéry” (1871-1945): شاعر وروائي وكاتب مقالات وفيلسوف فرنسي.
[23] جاك بينين بوسويه “Jacques-Bénigne Bossuet” (1627-1704): رجل دين، وخطيب فرنسي. اكتسب شهرة عريضة كواعظ كنسي، وكخطيب شعبي.
[24] هنري جيمس “Henry James” (1843-1916): روائي وكاتب قصص بريطاني من أصل أمريكي. هو مؤسس وقائد مدرسة الواقعية في الأدب الخيالي، أعماله البديعة قادت العديد من الأكاديميين إلى اعتباره أعظم أساتذة النمط القصصي.
[25] ألكسيس فيلونينكو “Alexis Philonenko” (1932-2018): هو فيلسوف ومؤرخ للفلسفة الفرنسية.
[26] إميل تشارتيى عرف بلقب ألان “Alain” (1868-1951): هو صحفي ومدرس وفيلسوف وكاتب فرنسي.
[27] شارل پيغي “Charles Péguy” (1873-1914) شاعر فرنسي اشتراكي. التحق بالجيش الفرنسي مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وقتل في الأيام الأولى للحرب.
[28] مونثرلان “Henry de Montherlant” (1895-1972): روائي وكاتب فرنسي. يحيل شتاينر إليه لما كتبه من أعمال إبداعية ارتبطت بتجربته في الجبهة أثناء الحرب العالمية الأولى التي أصيب فيها بجروح. ومن ذلك كتابه “Chant funèbre pour les morts de Verdun” يمجد فيه بطولات الحرب العالمية الأولى.
[29] أوسيب ماندلستام “Ossip Emilievitch Mandelstam” (1891-1938): شاعر وكاتب مقالات روسي من أصل يهودي. يعتبر أحد أهم أعضاء المدرسة الشعرية الأكمية. قُبِضَ عليه من قبل حكومة جوزيف ستالين خلال قمع الثلاثينيات وأُرسِل إلى المنفى الداخلي مع زوجته. شتاينر هنا يشير إلى كتابه المترجم للغة الفرنسية تحت عنوان “Entretien sur Dante”.
[30] شارل بودلير “Charles Baudelaire” (1821-1867) شاعر وناقد فني فرنسي. وهو يعتبر من أبرز شعراء القرن التاسع عشر. من أشهر دواوينه أزهار الشر الذي عرف أكثر من ترجمة للغة العربية.
[31] هنري سبنسر مور “Henry Spencer Moore” (1898-1986): نحّات إنجليزي. كان أحد الفنانين البارزين في القرن العشرين بفضل آثاره ذات الشكل التجريدي والعضوي التي نحتها من الحجر والبرونز. توجد له تماثيل تذكارية برونزية معروضة كأعمال فنية شعبية في أماكن مختلفة من حول العالم.