تبحث هذه الدراسة في أثر العلاقات العربية “الإسرائيلية” على النظام الإقليمي العربي، في الفترة التي تلت نكبة العام 1948 حتى توقيع اتفاقية “أوسلو” 1993، وتتخذ من اتفاقية الصُلح المنفرد- المصري “الإسرائيلي”– كامب ديفيد 1978 – نموذجاً شارحاً لهذا الأثر. فتحاول رصد بؤر التداخل والاشتباك بين العلاقات العربية “الإسرائيلية” من جهة والعلاقات العربية البينية من جهة أخرى، لتستقرء الأثر الذي تركه ظهور الكيان الصهيوني على النظام الإقليمي العربي.
تُقارب الدراسة هذه الروابط العلائقية بأطروحة مفادها اعتبار اتفاقية الصُلح المصري “الإسرائيلي” المنفرد-كامب ديفيد- في العام 1978، الحدث السياسي الأول الذي أدى إلى تغيّر تدريجي في موقف النظام السياسي العربي من العامل “الإسرائيلي”، وتحوله من منطق الصراع إلى منطق علاقات الصلح الثنائية، ثم اتفاقيات السلام. غير أن الدراسة تذهب إلى أنّ الصراع العربي مع “إسرائيل” لم يكن بؤرة مركزية تنظم وفقاً لها العلاقات العربية البينية بالشكل الذي يروج له تاريخياً وإعلامياً، بل إنّ هذا الصراع اتصل اتصالاً مباشراً مع تصاعد حدة الحرب العربية الباردة؛ فإذا كان الموقف العدائي العربي من “إسرائيل” عاملاً موحداً للعرب على مستوى الشعوب، فإنه لم يكن كذلك على مستوى سياسات الأنظمة العربية.