تمر الأمة المسلمة اليوم بطور تاريخي ينذر بالخطر، يتميز بالمكابدة ضد إمكان الأفول الحضاري الذي يتربص بها منذ سقوط الخلافة الإسلامية، وإذا كانت مرحلة ما بعد سقوط هذا الخلافة حكمها منطق الجهاد بالأنفس والأموال ضد الغزو العسكري الأجنبي المباشر، فمرحلة ما بعد الغزو العسكري حكمها منطق الجهاد بالكلمات والأقلام من أجل الحصول على الاستقلال العقلي في النهوض بالأوضاع الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات العربية والإسلامية، فضلا عن الرغبة في استئناف الفعل الحضاري الإسلامي في مختلف تجلياته الوجودية، غير أن هذا الطموح اصطدم بواقع الانقسام السياسي المؤلم بين فئة الديانيين من جهة وفئة العلمانيين وأنظمة السياسة من جهة ثانية، وما يزيد من خطورة هذا الانقسام على وجود الأمة، أنه اتخذ أشكالا من العنف سياسي بلغت، أحيانا، حد المواجهة الاقتتالية.