شكل مشروع طه الفلسفي، لحظة زمنية فارقة، في تاريخ الفكر العربي المعاصر، دشن فيها آفاقا فكرية واسعة، على كافة المستويات المعرفية والمنهجية. وستتجلى مظاهر الفُرادة الفكرية، والعطاء العلمي المبدع، حينما نتعقب جانبا من أبرز مباحثه، التي لم يتسنى لكثير من الدارسين، وضعها في مشرحة الدرس والتحليل، إلا لماما.
إن مبتغى الدراسة، أن تكون فاتحة للنظر، وجريئة في طرح السؤال، حول وظيفة الدين، ومقوماته في الاجتماع الإنساني، وموقفه من حركة المجتمع والإنسان، ومن القضايا والإشكالات المعاصرة، المرتبطة بمصير الهوية الإسلامية، من خلال جملة من الإشكالات والقضايا والدعاوى الراهنة، وتجلياتها في الفكر والثقافة. وتشكل قضية فلسفة الدين، من القضايا العالقة في الفكر العربي المعاصر. فكيف استشكل طه قضية الدين، في علاقته بمجالات الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية؟ وكيف انتقد الحداثة الغربية، التي تنبني، على الفصل الكلي للدين عن هذه المجالات، وقطاعاتها الخاصة والعامة؟ كفصل الدين عن العلم، وفصل الدين عن الأخلاق.