ملخص عام
يتميز التصوف المعاصر، كما يقدمه الكتاب الإنجليزي “الصوفية العالمية” بأنماط متعددة من التعبيرات الدينية والثقافية، والفئات السياسية. إذ يقدم لمحة لبعض الإشكاليات الأنثروبولوجية التي تميز التصوف العالمي، ويبحث عن طفراته المعاصرة ضمن مجال عالمي ومعلوم يتميز بالسيولة وذوبان الحدود والمعالم.
يعرّف التصوف بأنه تجربة روحانية تتجسد في علاقة الإنسان مع الله، مع ذاته، ومع الإنسان الآخر. تتعدد ممارساته، طقوسه، تمظهراتها وخطاباته. إن كان التصوف يمارس تاريخيا في جماعات صوفية، تجتمع حول شيخ صوفي معين، تتدارس تعاليمه، أو تتبرك بأحواله. فإن التصوف المعاصر يتميز، بأنماط جديدة من التعبيرات الدينية والثقافية، والفئات السياسية. هذا ما يعرضه كتاب “الصوفية العالمية”، الذي صدر باللغة الإنجليزية في أواخر 2019 في لندن من لدن دار النشر ” هيرست”.
نحن أمام كتاب أكاديمي شاركت مجموعة من الباحثين في العلوم الاجتماعية في صياغة فصوله. يقدم لمحة عامة عن بعض إشكالات التصوف العالمي، باحثا عن طفراته المعاصرة وتجلياتها ضمن مجال عالمي ومعلوم يتميز بالسيولة وذوبان الحدود والمعالم. كيف يمكننا تعريف الصوفية المعاصرة؟ ما هي العلاقة بين الصوفية والإسلام والخطابات الكونية؟ في أي شكل وفي أي دعامات ومؤسسات يتشكل؟ ما هي مواقف الفاعلين الصوفيين فيما يتعلق بالمشكلات السياسية والاجتماعية المعاصرة التي تمر عبر المجتمعات الحديثة؟ يحاول هذا الكتاب، دراسة هذه الأسئلة من خلال العديد من الدراسات التي قدمت مقاربات اجتماعية، تاريخية وميدانية في أوروبا، أمريكا، وأفريقيا. وهو ينتظم في ثلاثمائة صفحة شاملة للمراجع، ولسير ذاتية مختصرة للباحثين، مع مقدمة عامة، و12 فصلا موزعة على ثلاثة أبواب: الحدود، المؤسسات، والسياسات.
حدود التصوف العالمي
يعالج الباب الأول من الكتاب، مجموعة من القضايا المتعلقة بعلاقة التصوف بالثقافة والعرق والفن والأدب والموسيقى وغيرها، وعن مدى تأثيرها في إعادة تشكيل ممارسات التصوف وخطاباته وحدود تموقعه بين الإسلامي والعالمي.
في الفصل الأول بعنوان “الرومي العالمي”، يعرض روبرت إيروين[1]Robert Erwin ، حضور جلال الدين الرومي في العديد من الإنتاجات الأدبية في الغرب. حيث أصبح هذا الشاعر الفارسي، الأب الروحي للطريقة المولوية، شخصية تمثيلية ومرجع أساسي في التصوف، فقصائده المترجمة، كانت في سنة 2017، ضمن لائحة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن كثير من الفنانين العالميين أحالوا عليه في مناسبات متعددة، مثل مادونا والمغنية بيونسي التي سمت أحد أبنائها التوائم باسم الرومي، تيمنا بشاعرنا. كما أنه يعرف حضورا قويا في الدورات التي تؤسسها الحركات الدينية الجديدة، المسماة بالعهد الجديد، New Age. -وهي حركة روحانية شبه دينية، نشأت في النصف الثاني من القرن العشرين، تحمل نظرة عالمية تجتمع فيها كل الأديان والروحانيات-. يقوم الباحث في هذا المقال، بعملية جرد ونقد لمختلف الانتاجات الأدبية والفكرية التي يحضر فيها الرومي، وترجمات لأشعاره في أوروبا وأمريكا. وقد لاحظ أن المخيال الذي رسم حول جلال الدين الرومي يتميز بنوع من الانتقائية وإعادة الهيكلة، للتجاوب مع المتطلبات المنتظرة من تلك الإنتاجات، كما لاحظ أنه قد يصل الأمر في بعض الأحيان، إلى التغطية على انتماءات الرومي الفارسية وسياقه الإسلامي، وتقديمه كشخصية حكيم وشاعر عالمي.
في الفصل الثاني، يصف مارك سيدجويك [2]Mark Sedgwick ظاهرة عرف فيها التصوف سيرورتين إيديولوجيتين مختلفتين في أوروبا وأمريكا. فمع انتشار حركات العهد الجديد، في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، عرف التصوف الأوروبي نوعا من نزع الصفة الإسلامية “des-islamisation” عن التصوف، أي نزع الصفة الدينية والإسلامية عنه، بجعله تجربة روحية، نفسية ووجودية خاصة، في معرفة الذات، والكون، والإنسان، فأصبح التصوف بذلك تجربة روحية عالمية، غير مرتبطة بدين معين. يقوم مارك سيدجويك بسرد تاريخي، للسيرورة المقابلة في عملية إعادة أسلمة التصوف في الغرب، والدعوة للعودة للتقاليد الإسلامية، ولضرورة تعلم اللغة العربية لفهم القرآن والدين. ويعتبر الباحث أن إعادة الأسلمة هذه، جاءت نتيجة لتكاثر عدد المهاجرين في أوروبا، ولكن كذلك أيضا لطموح بعض الشيوخ الصوفيين حاملين لهذا المشروع. ويقوم في هذا الفصل، بتتبع رحلة ستة من الشيوخ الصوفية[3] المنتمين لطرائق مختلفة، سافروا عبر أوروبا وأمريكا، حيث يصف نوعية خطاباتهم، والشبكات العالمية التي تستقبلهم في مختلف مدن أوروبا وأمريكا، ودورهم في إعادة أسلمة التصوف بالغرب.
في الفصل الثالث تحت عنوان: “الصوفية الأفرو بوليتانية: الطريقة التيجانية المعاصرة في سياق عالمي”، يستعرض “زاكاري رايت” [4] Zachary Wright، الأصول الإفريقية السوداء للطريقة التيجانية، ويتتبع مدى حضورها في مختلف بلدان العالم: في الغرب، أوروبا وأمريكا، في شمال وجنوب افريقيا، في آسيا، في الشرق الأوسط وفي بلدان الخليج. يستعمل الكاتب في تحليله مفهوم “الأفروبوليتانية afropolitan”، وهو مفهوم سياسي معاصر، يعرِّفه الكاتب كنموذج مثالي ووجودي يميز الانسان الافريقي، الذي يتميز بنوع خاص من الوجود الهوياتي، تتداخل فيه معايير مرتبطة بالثقافة والهوية والعرق واللون. هذا المفهوم هو مقابل للمفهوم السياسي (cosmopolitan)ـ الذي يُقدَّم كنموذج إنسان عالمي متعدد. كما يتساءل الكاتب في هذا الفصل، عن تموقع الطريقة التيجانية، ودينامية تفاوضها بين ما هو محلي، أفريقي، خاص، وبين ما هو كوني، منفتح على العالم.
وفي الفصل الرابع يصف فرانشيسكو بيرينو Francesco Piraino [5]، مفهوم الكافر في تصور شيخ الطريقة العلوية “خالد بن تونس”، الذي يعلِّم مريديه، أن الكافر حالة ذهنية وروحية قد تمس أي شخص، وهي ليست إحالة بالضرورة إلى الشخص الاخر الذي لا يمتلك نفس الديانة. كما يحلّل بيرينو في هذا الفصل موقف الشيخ والتلاميذ ورأيهم في مجموعة من المواضيع: نسبية الحقيقة و إطلاقيتها، قطبية الخير والشر الذين يشكلان وجهان لعملة واحدة، تنوع الأديان و ضرورة الانفتاح العالمي والإنساني، علاقة الإنسان بالسلطة، وضرورة تحقيق المساواة الاجتماعية والعدالة، كذلك المدافعة عن المساواة بين الجنسين، واحترام المرأة وحقوقها، الموقف من الجسد كحامل للإنسان وكذات يجب الاعتناء بها، الموقف من الجنس كطبيعة إنسانية يجب احترامها وتقنينها بالزواج، حيث يستدل أن الشيخ بن عدة قد شجع بعض مريديه على الزواج من المومسات لإعادتهم إلى طريق مقنن. يبحث أيضا عن النظرة الأبوكاليبسية[6] لنهاية العالم، التي يعتبر الشيخ أن قيامة الإنسان تبدأ ما أن يموت، وأن نهاية العالم بنهاية الانسان، كما أن الجنة والنار، ليس مكانين بعيدين، ولكنهما حالة روحية. يعتبر بيرينو أن هذه الأفكار تساعد المريدين على الخروج من دائرة الثقافة إلى دائرة الروحانيات. ويدافع بيرينو في أطروحته أن هذه الخطابات تتجاوز التضاد الذي يقدمه بعض الباحثين بين تصوف تقدمي حديث وتصوف تقليدي، إذ يعتبر أن لهذه الأفكار أصول تيولوجية تاريخية، وليست مجرد تأثير للعصر الحديث.
إن لغة التصوف المعاصر، لا تشمل اللغة الدينية وفقط، ولكن انتقلت إلى تعابير جديدة، تستخدم مجموعة من الآليات والدعامات المختلفة، قد تشمل الموسيقى، القصص والروايات، الشعر وغيرها. وهو ما تعقبته الباحثة أندريا بريجاجليا Andrea Brigaglia[7] في الفصل الخامس، تجربة الفنانين الفرنسيين: عبد الملك َAbd al Malik وكيري جيمس Kerry James، لتظهر كيف قام كل منهما بطريقته الخاصة بإعادة صياغة وربط ما بين التقليد الأمريكي لفن الراب، وما بين القصيدة العربية الصوفية. حيث قام هذين الفنانين بتكييف التقليدين باللغة الفرنسية للتعبير عن رؤيتهم للعالم والمجتمع والإسلام والصوفية. قامت كاتبة هذا الفصل بنحت مفهوم “Eu-rap-ia”، وهي نيولوجيا [8] تتكون من ثلاث كلمات أوروبا- راب- وعربية، وذلك من أجل الربط بين هذه العوالم الثقافية المختلفة. وهذا المصطلح هو أيضا لعبة كلمات، لأن كلمة ” Eurabia”، مصطلح ساخر يعبر عن نظرية مؤامرة تتهم بأسلمة وتعريب أوروبا من خلال الهجرة.
هياكل التصوف العالمي
يبحث الجزء الثاني من الكتاب عن هياكل التصوف. حيث ينتظم هذا الأخير غالبا في شكل جماعات تعرف بالزاوية او الطريقة. وهي مدارس صوفية، تجتمع حول شيخ صوفي معين، تتدارس تعاليمه، أو تتبرك بأحواله. وقد أصبحت العديد من هذه الزوايا تعبر حاليا الحدود الجغرافية، الثقافية او اللغوية والمؤسساتية، مما أضحى لها جذوع متفرعة عبر العالم.
في الفصل السادس تصف جوستين هاو Justine Howe[9] احتفالية المولد النبوي في شيكاغو، والذي يعتبر مناسبة مهمة بالنسبة للصوفية في الغرب، حيث يجتمعون كل سنة، ويقومون بالكثير من الأنشطة، تقدم فيها عروض فنية وموسيقية، محاضرات وورشات يسيرها مجموعة من العلماء والمثقفين والأكاديميين وشيوخ المتصوفة. تلاحظ الباحثة أن التنظيم لهذه المناسبة خرج من الهيكل الرسمي للطريقة الصوفية، ورعته هياكل جديدة مخصصة لهذا الحدث، تنتمي إلى جماعات صوفية، لكن دون إعلان ذلك مباشرة. عبر وصف اثنوجرافي لاحتفالية المولد منظمة من طرف “مؤسسة محمد ألكسندر روسل ويب”، ومن طرف “هيئة شيكاغو للمولد”، تحلل الباحثة مضمون خطابات المنظمين والمشاركين. حيث يتميز بخطاب كوني يحاول إعادة تعريف معنى الإسلام والتصوف، كتجربة روحية، وكمجال للانفتاح في الغرب في مقابل التجارب الدينية المنغلقة على ذاتها. كما أنها تصف كيف يستقبل الجمهور المشارك هذا النشاط، حيث تصنف الباحثة هذه الأنشطة والهياكل الجديدة، ضمن أنشطة المجال او المكان الثالث [10]third place، حيث تساهم هذه الأمكنة في تعزيز الاندماج والتضامن الاجتماعي، وإعادة تشكيل مفهوم الزمان والمكان.
لاحظ كل من ويليام روري ديكسون ومرين شوبانا كزافي [11] William Rory Dickson & Merin Shobhana Xavier، الذين شاركا في تحرير الفصل السابع أن الحركات الصوفية في شمال أمريكا، تخضع لموجتين تنظيميتين، الأولى تتميز بإعادة هيكلة الجماعات الصوفية إلى النموذج التقليدي للطريقة، والثانية على عكس ذلك تتميز بالتفكيك والخروج من الأنماط التقليدية، وممارسة التصوف خارج إطاره التنظيمي. ويعتبر الباحثان بأن عملية التفكيك هذه، هدفها الاندماج في ديناميات السوق الدينية بأمريكا ومختلف متطلباتها من أجل الوصول إلى الجمهور الكبير المسلم وغير المسلم. في المقابل تتأثر عملية تنظيم الحركات الصوفية بارتفاع نسبة المهاجرين، وظهور خطاب إسلامي يحاول العودة إلى أصول الدين، تقوم فيه الطرائق التقليدية بتقوية موقعها عبر هذا الخطاب.
في الفصل الثامن يصف بيسنيك سناني[12]Besnik Sinani، ديناميات بناء السلطة الدينية، ومحاولات بعض المؤسسات الصوفية، إعادة تعريف وتشكيل تعريف الإسلام ومآلاته المستقبلية، وذلك من خلال دراسة نموذج الطريقة الباعلوية، وهي زاوية صوفية تستمد أصولها من حضرموت في اليمن. يصنف الباحث هذه الطريقة ضمن ما يسميه بـــ”سنية تقليدية متأخرة” (late Sunni traditionalism). وقد تتبّع الباحث في مقاله، خطابات مجموعة من شيوخ الطريقة وبعض العلماء المشهورين كمثال علي الجفري، ومحاولاتهم لإعطاء تعريف للإسلام الصوفي لا يتناقض مع المدارس الفقهية المعروفة، وكما تتبع مختلف أنشطتهم وانتشارهم في مختلف بلدان العالم لتقديم الإسلام والتصوف.
سياسات التصوف العالمي
يعالج الجزء الثالث من الكتاب، الأنماط السياسية للتصوف المعاصر، واستراتيجياته المختلفة للتكيف ضمن مجال سياسي معولم ومشحون بمجموعة من الاعتبارات الأيديولوجية والسياسية.
في الفصل التاسع، تعالج فلوريان فولم Florian Volm [13] السياسات المصاحبة لحركة غولن في تركيا، والتي تسمى أيضًا حركة خدمة. يعتبر مؤسسها فتح الله غولن أنه “صوفي، لكن على طريقته الخاصة”، دون الانتماء إلى طريقة من الطرق التقليدية. منذ ظهور هذه الحركة أوائل السبعينيات، اكتسبت قوة وحضورا، بحيث أن عملها مرتكز على الخدمة الاجتماعية والتكوين… هذا الحضور القوي في المجال الاجتماعي، وإن لم يكن فعلا سياسيا مباشرا، إلا أنه تم اتهامه من طرف حكومة أردوغان بتشكيل “دولة موازية”. تبحث الباحثة في هذا الفصل عن التدابير التي تعتمدها هذه الحركة من أجل خلق صورة جديدة لها.، وتلاحظ أنه في السياق الوطني في تركيا، لا تظهر الحركة الكثير عن انتمائها الصوفي، باستثناء حالات قليلة أو خلال الدروس الروحية والدورات التكوينية. بينما حينما تقدم الحركة نفسها في الغرب وفي أوروبا، فإنها تركز على انتمائها الصوفي، بحيث أن لهذه الأخيرة سمعة جيدة في الغرب.
في الفصل العاشر قام سيمون ستيرن هولم [14] Simon Stjernholm، بتعقب الرسائل الصوفية على قناة الراديو السويدي، في برنامج خاص بالإسلام يذاع على القناة العامة السويدية. عبر تحليل للخطاب والمضمون يلاحظ أنه وإن إذا لم يتم فيه ذكر الصوفية بشكل مباشر، فإنه يتم استحضارها من خلال إشارات وإحالات إلى الرومي وابن عربي والشعراء الصوفيين. يلاحظ الباحث أن الإسلام المقدم في هذه القنوات الاذاعية، هو إسلام يدعو للسلام، يركز على الروحانيات والممارسة الفردانية والخاصة، المتميزة بنوع من الشعرية الرومانسية، دون الدخول في التفاصيل التشريعية أو السياسية. تتوافق هذه الخطابات حسب ما يراه الباحث مع الرؤية الأيدولوجية لما يتوقعه الخطاب الليبرالي المهيمن في السويد، ممّا يجب أن تكون عليه الممارسة الدينية والإسلام
في الفصل الحادي عشر يصف توماس جواسين[15]Thomas Joassin كيف تخلق الصوفية قوتها من خلال علاقتها بالسلطات السياسية بالجزائر. بناءً على وصف إثنوغرافي لعدة أنشطة تنظمها الحركات الصوفية، أبرزها المؤتمر الصوفي الدولي الذي انعقد في 2016 في مستغانم. يخلص إلى أن دعم الصوفية من طرف الدولة الجزائرية هو جزء من مشروع سياسي، من أجل إحباط الحركة السلفية، ولكن أيضًا في منافسة مع المغرب، الذي سبقها في استخدام الصوفية في دبلوماسيته الدينية.
في الفصل الثاني عشر، يتتبع أسامة العظمي Usaama al Azami [16] المواقف السياسية لبعض الشخصيات الدينية والسياسية التي تشير بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الصوفية، مثل علي جمعة، وبن بيه، وغيرهم. يصنفهم الباحث ضمن ما يسميه ” النيو صوفية التقليدية “. يحاول موقعتهم سياسيا، بمواقفهم ورد فعلهم أثر ثورات الربيع العربي، في سوريا، في اليمن، ومصر مع مجزرة رابعة. يطرح الباحث إشكالية معقدة، مرتبطة بمأزق التصوف السياسي وموقفه حينما يتعلق الأمر بالأنظمة الاستبدادية؟
أسئلة جديدة
يوضح لنا هذا الكتاب تنوع تعاريف ومواقف المنظمات الصوفية على المستوى العالمي. فإن كان الصوفية وعلماء الدين، يحاولون تعريف ما هو التصوف وما هو الإسلام، فإن المقاربة الأنثروبولوجية، لا تقوم بتحديد تعريف واحد، ولكنها تحاول البحث في تعقد وتنوع “الظاهرة الصوفية”، من خلال ملاحظة مختلف الممارسات كما هي ممارسة في الواقع من قبل الأفراد والجماعات، وتحليل الطقوس والخطابات ومحاولة وضعها في سياق اجتماعي وثقافي وسياسي عالمي.
في علاقة التصوف بالإسلام، نجد مجموعة من الخطابات منها ما يعتبر أن التصوف تجربة إسلامية مئة في المئة، فلا تصوف دون إسلام، وهناك من يصل إلى ابعد ذلك بالقول انه لا إسلام دون تصوف. في الجهة المقابلة، هناك من يعتبر التصوف جزءا من التجربة الإسلامية ولكن ليس كلها. ومن يعتبر أن التصوف تجربة روحية عابرة للدين، متجاوزة له، بحيث قد يحضر التصوف في تجارب دينية أخرى، وبغير دين أيضا. تختلف الاهتمامات الدينية داخل الصوفيين أنفسهم، بين من يوجهون اهتمامهم بالتقاليد والعقيدة والشريعة كما وُجِدت، بينما يهتم آخرون أكثر بالعلوم الباطنية. لقد أصبح التصوف لا يتكلم اللغة الدينية فقط، ولكنه يستخدم مجموعة من الآليات والدعامات المختلفة، قد تشمل الموسيقى، القصص والروايات، الألعاب، قد تحضر في الراديو، في الرواية، في المسرح، إلى أخره فيما يمكن جمعه في منتوجات “للثقافة الصوفية العالمية” (global sufi culture). إن هذه الأنماط الجديدة ليست بالضرورة في تعارض مع النماذج التقليدية للتصوف، ولكنها تنوع في طريقة التعبير عنه.
على الرغم من أن هذا الكتاب قد تناول مجموعة من القضايا المتنوعة لفهم ظاهرة التصوف المعاصر في المجال العالمي، لكنه أغفل دراسة عدد من الظواهر. من بينها إشكالية علاقة الشيخ والمريد، وهل تسجيل التصوف ضمن سياق عالمي، له تأثير على العلاقات الداخلية للعلاقة بين الشيخ والمريد؟ كذلك سؤال النوع الاجتماعي: ما مدى الحضور النسوي في الحركات الصوفية المعاصرة؟ وماذا عن الحضور الشبابي في الزوايا الصوفية؟ وما تأثيره على أنماط التدين لدى الشباب؟ كذلك مسألة الأدوات الجديدة لنشر التصوف، وخروجه من المجالات التقليدية للزاوية، إلى مجالات افتراضية باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، كذلك من خلال الانتقال من مجال ديني إلى مجال ثقافي منظم في مهرجانات ومعارض، متاح في المتاحف وفي صالات السينما. هل نحن بصدد انتقال من ظاهرة دينية، إلى ظاهرة ثقافية؟ ما هي تداعيات هذه الأدوات الجديدة وهذا الانفتاح العالمي على ممارسات التصوف نفسه؟
فهرس الكتاب (بالإنجليزية)
About the authors, vii
Acknowledgements, xi
Introduction, by Francesco Piraino and Mark Sedgwick, p 1
Part I: Boundaries
1- Robert Irwin, “Global Rumi”, p 15.
2- Mark Sedgwick, “the islamisation of Western Sufism after the Early New age”, p35
3- Zachary Wright, “Afropolitan Sufism: The Contemporary Tijaniyya in Global contexts”, 55
4- Francesco Piraino, “Who is the infidel? Religious Boundaries and social change in the Shadhiliyya Darqawiya Alawiyya”, p 75
5- Andrea Brigaglia, “Eu-rap-ia: Rap, Sufism and the Arab Qasida in Europe”, p 93.
Part II: Structures
6- Justine Howe, “Contemporary Mawlids in Chicago”, p119.
7- William Rory Dickson et Merin Shobhana Xavier, “Disordering and Reordering Sufism: North American Sufi teachers and the Tariqa Model, p 137.
8- Besnik Sinani, “In the path of the ancestors: The Ba’Alawi Order and the struggle for Shaping the Future Islam”, p157.
Part III: Politics
9- Florian Volm, “The making of Sufism: the Gülen Movement and its Effort to create a New Image”, p 177
10- Simon Stjernholm, “Sounding Sufi: Sufi-oriented messages on Swedish public Service Radio”, p 193
11- Thomas Joassin, “Algerian “Traditional” Islam and political Sufism”, P 209
12- Usaama al Azami, “Neo-traditionalist Sufis and Arab politics: A Preliminary Mapping of the Transnational Networks of counter-revolutionary Scholars after the Arab Revolutions”, p 225.
Notes, p 237
Index, p 285
الإحالات
[1] Robert Irwin, “Global Rumi”, p 15.
[2] Mark Sedgwick, “the islamisation of Western Sufism after the Early New age”, p35
[3] الشيوخ المتتبعون في الدراسة هم: Hassan Lütfî Şuşud ; Bulent Rauf ; Bawa Muhaiyaddeen ; Sheikh Nazim al Haqqanî ; Muzaffer Ozak ; Süleyman Loras
[4] Zachary Wright, “Afropolitan Sufism: The Contemporary Tijaniyya in Global contexts”, 55
[5] Francesco Piraino, “Who is the infidel? Religious Boundaries and social change in the Shadhiliyya Darqawiya Alawiyya”, p 75
[6] النظرة أبو كاليبسة vision apocalyptique: هي تلك الاعتقادات التي تصف نهاية العالم والقيامة والموت.
[7] Andrea Brigaglia, “Eu-rap-ia: Rap, Sufism and the Arab Qasida in Europe”, p 93.
[8] النيولوجيا neologism: هي الكلمات الجديدة التي يتم خلقها في لغة ما.
[9] Justine Howe, “Contemporary Mawlids in Chicago”, p119.
[10] Third place ، المكان الثالث، هو مفهوم تمت صياغته من طرف السوسيولوجي Ray Oldenburg في السوسيولوجيا الحضرية، الذي يعتبره مجالا في مقابل المنزل ( المكان الأول) ، ومقر العمل ( المكان الثاني)، وهو يشمل المؤسسات الثقافية، مثل المكتبات او المراكز الثقافية، او المقاهي او غيرها.
[11] William Rory Dickson & Merin Shobhana Xavier, “Disordering and Reordering Sufism: North American Sufi teachers and the Tariqa Model, p 137
[12] Besnik Sinani, “In the path of the ancestors: The Ba’Alawi Order and the struggle for Shaping the Future Islam”, p157.
[13] Florian Volm, “The making of Sufism: the Gülen Movement and its Effort to create a New Image”, p 177
[14] Simon Stjernholm, “Sounding Sufi: Sufi-oriented messages on Swedish public Service Radio”, p 193
[15] Thomas Joassin, “Algerian “Traditional” Islam and political Sufism”, P 209
[16] Usaama al Azami, “Neo-traditionalist Sufis and Arab politics: A Preliminary Mapping of the Transnational Networks of counter-revolutionary Scholars after the Arab Revolutions”, p 225.